إن كنت تريدين حبيبك أن يكون زوجا لك
هذه الرسالة لأصحاب القلوب الرقيقة والمشاعر الحساسة والذين يطلبون إفضاء شهواتهم وإشباع غرائزهم بالحلال ، وليست للشباب والفتيات الذين أسلموا أنفسهم للشيطان طواعية واختيارا ، ولا يرون فرقا بين الحلال والحرام ....
بل إنها لك أنت يا من ترعين حق الله وتحاولين أن تقيمي حدوده قدر استطاعتك ، فأنت محافظة على الصلاة وتقرئين وردك من القرآن كل ليلة وقد تكونين ممن يقيم الليل ، ترعي حق جارك ويشهد لك معارفك واقاربك واصدقاؤك بالصلاح والاستقامة . فهلا سمحت لى بهذا الحديث الخاص جدا ..
أختى ... هل لك قلب ينبض ، هل لك عين تحب الجمال ، ولسان يعبر ، ونفس تطوق للحب وتتمنى كلمة ناعمة ولمسة حانية ونظرة مؤثرة ... هل أنت انسانة رقيقة المشاعر رومانسية ...
هل قابلت يوما شابا فى الجامعة أو فى العمل أو عبر الانترنت أو كان جارك أو كان صديق لأخيك أو فى أى مكان يسمح بتواجد الفتيات والشباب فى مجتمعنا ، ثم أعجبك لجماله أو لأدبه أو لدينه أو لثقافته أو لدونما سبب تستطيعين تحديده فقد يكون انجذاب لا تعرفين مصدره ولا سببه ...
هل شرعت فى التقرب منه والتعرف عليه ، وهل هو قابل رغبتك بنفس الحماس الذى ظهر منك وكلاكما لا يحمل للآخر أى ظن سىء فى أخلاقه فكلاكما انسان طيب ونقي ...
هل قويت علاقتكما فتعاهدتما على الصداقة البريئة مع أن كل منكما يؤجل الافصاح عما فى قلبه من شعور يعجبه ويحس بحلاوته ولا يتمنى زواله ، ولكن هكذا تكون البداية دائما ... هل بعد مدة قصيرة تصارحتما ثم تعاهدتما على الزواج ولكن للأسف هناك ظرف ما يعوق إتمام هذا الزواج كدراستك أو سفر والده أو عدم تجهيزه المال اللازم للخطبة والشبكة والأثاث وغيره ...فآثرتما أن تصبرا وتنتظرا تحسن الظروف ...ومع مرور الوقت مرت بكما لحظات تمنى كل منكما لو يجد نفسه زوجاً للآخر بين طرفة عينٍ وانتباهتها ...
هل عبر عن رغبته هذه بكلمة مهموسة رقيقة ، ولمسة يد حانية دافئة ، ونظرة مستقرة مشفقة ، هل تطور الأمر وقبل يديك ، وتكرر هذا المشهد الأخير مع اشتعال الغرام واللهفة فقبل شفاهك ...
هل هذا يعبر عن حبكما أم هو يطفىء شهوتيكما ... هل حبكما هذا حلال أم حرام ...
الحب ليس حراما
بل ورد فى خبر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه أوصى للمتحابين بالزواج ، ولكن ما تظهره وما تمارسه من مظاهر التعبير عن هذا الحب هو الحرام وعصيان الله فيه ظاهرا
ألم يقل الله " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ، إن الله خبيرٌ بما تصنعون ، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن "
وأخبرت إحدى نساء النبى أنه لم تمس يده يد امرأة لا تحل له قط ،
فاسألي نفسك يا أختى كيف ستتلفظين بكلمة من تلك الكلمات التى تغرقين بها سمع محبوبك وأنت غاضةً لبصرك عنه ،
وكيف له أن يلمس يدك ويقبلها وقدوته فى حياته النبى صلى الله عليه وسلم لم تمس يده يد إمرأة ولا فى البيعة ، وكما أنك تحسين بتأجج الحب فى قلبك فإن حبيبك مثلك له قلب يحس ونفس تطوق ولحظات ضعف. ولكن لتربيتك المحافظة أوالدينية تخجلين من حديثه وأفعاله فتجدين نفسك قد تبادلين كلماته التى تدغدغ مشاعرك باستحسان وطرب يظهر معناه فى إحمرار وجهك أو فى لمعان عينيك أو ارتعاش كفيك وحرارة آهة أو تنهيدة ،
ولأن من تمام لذة الشعور بالحب والعشق أن تستشعر من محبوبك حبه لك وشغفه بك فتجدين نفسك تشجعينه على التلفظ بعبارات الحب والشوق فتوقعيه و يوقعك فى زلة الخضوع بالقول الذى نهى عنه الله " ولا تخضعن بالقول " فتصيري شريكة له فى الذنب لتشجيعك له ،
كل هذا يحدث ويظن كلاكما انه مازل لا يعص الله ولا يفعل منكرا ...
ولكن يا أختى الأمر خطير جدا إنك بسبب هذه العلاقة قد تضيعين ساعات ثمينة من ثلث الليل الآخر وأنت وحبيبك فى هيام ووهم ووجد تتناجيان عبر الهاتف فى تلك الساعة التى ينزل الله فيها الى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله فيعرض على عباده الغفران وقضاء الحاجات
وقد يبزغ الفجر ويتلاقى ملائكة الليل والنهار يستغفرون للذاكرين والمسبحين وأنت وحبيبك تتبادلان العبارات الساخنة وتستعرضان الأمانى وتتبادلان كلمات العشق وقد يتطور بكما الامر فتزنيان بالخيال ...
نعم رغم كل ما يحمله قلبك من حب وود لمحبوبك فأنتما تسيران فى طريق الزنا !!! حتى ولو لم تكونا نويتما عليه ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق ، والنفس تمنَّى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه " . رواه البخاري ( 5889 ) ومسلم ( 2657 ) ، والمعصوم من عصمه الله ...
أختى .. إنى أعلم ان حبيبك ليس مجرما أوذئبا بشريا وأنت لست بغى ولا فاجرة و أعلم انكما لم تحسبا لكل هذا الذى وصلتما اليه ...
ولكن أنتما تعصيان الله !!!
نعم تعصيانه وهو يراكما ولا تستحيان منه !!! إنكما لم تقدرا الله حق قدره " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذى خلقكك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك " أهكذا حمدك وشكرك نعمة الله عليك ، تعصيه على مرأى ومسمع منه ولا تستحى !!!
أعلم أنك إنسانة مؤمنة ولكن أحيانا تغلبك نفسك ويغلبك الهوى ودون ان تشعري تطيعيهما وذلك فى غفلة منك والإيمان يزيد وينقص و " كل ابن آدم خطاء " ولكنك حين غفلت كان الشيطان يتلصص بك وينتظر تلك الغفلة ليفسد عليك قلبك .. ولكن إطمئني لن يستطيع ان يفسده حتى ولو نجح فى ذلك فى بداية الأمر ، لأن الله حافظك مادمت انت تحفظينه " إحفظ الله يحفظك " فتجدين أنك تذنبين الذنب فيمهد الله لك طريق الاستغفار والتوبة فيتوب عليك ويغفر لك " وخير الخطائين التوابون " ألآن اقلعي عما صنعت وتذكري قول الله " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "
أرجو الله أن تكون هذه الكلمات التى بين يديك الآن من أسباب عودتك لله واستغفاره والتوبة اليه والشروع فى اصلاح ما افسده الشيطان والنفس الأمارة بالسوء واستيقظت النفس اللوامة وتعود للسير فى الطريق الصحيح ...
إن كنت تريدين الزواج بحبيبك فعلا فاعلمي ان الزواج رزق ونعمة ونعم الله لا تنال بالمعاصى ، بل قد يتعسر عليك الأمر إلى أن يتم وإذا تم دبت الخلافات والمشاكل فتكرهين الساعة التى تقابلتما فيها رغم كل ما كان بينكما من غرام وستندمين على كل لحظة أضعتها لترضيه بسخط الله ...
كوني قوية بإمانك واقترحي علىحبيبك أن تمنعا نفسيكما من الإتصال والمقابلات والخضوع بالقول حتى تتحسن الظروف ، ثم رتبي حالك وتوكلي على الله وسترين ما سيفيضه الله عليك من تسهيل امرك ... واعلمي أنك إن توكلت على الله كان حسبك وإن لم تتوكلي عليه وكلك الى نفسك فأعسر عليك أمرك ...
ألم تتساءلي عن سبب فشل كل الزيجات التى بنيت على علاقة حب قبل الزواج والتى قد تطول العلاقة لسنوات ثم تنتهى بدون اتمام للزواج وأجدك الآن تصيغين الإجابة " الشيطان يعدكم الفقر ، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا " وقد يكون الفقر هنا هو فقر الزواج أو فقر السعادة الزوجية لأنها منذ البداية لم تكن كما يحب الله ورسوله فوعدهم الشيطان وصدقوه ثم خاب ظنهم حتما إلا إذا انعم الله عليهما بفضله بالتوبة والاستغفار فتنصلح حالهم ويبارك الله زواجهم ( فلا مضل لمن هدى الله – والموفق من وفقه الله )...
وقد تجدين على الجانب الآخر الزيجات التى تتم بشكل إسلامى كما شرع الله كرؤية العروسان بعضهما البعض كما أوصى النبى فى بداية الأمر ثم اذا كان القبول من الطرفين وهو الحد الأدنى لضمان السعادة الزوجية وهذا بعد الاطمئنان على الدين والخلق وإستشارة من يوثق برأيهم ثم استخارة الله ثم يشرع كلا الطرفين فى تجهيز نفسه دون تعدى على حدود الله فتجد الزواج يتيسر والرزق يزيد والرضا يغلف حياتهما . ولا ينفى حصول القبول بين الطرفين امكانية حصول الحب فقد يحب أحدهما الاخر من تلك النظرة وقد يقع الحب فى قلب كليهما معا ... فالنظرة بريد القلب .
كلمة أخيرة ....
إن كنت تريدين حبيبك أن يكون زوجا لك ... فلا تنهكي وتهلكي وتبتذلي مشاعره وتغتالي براءة قلب نقى عفيف وتكون عونا للشيطان على افساده وانحرافه عن الطريق المستقيم .. فهيا ليكن الله هو حسبك وليس الشيطان
" ومن يتقِ اللهَ يجعل له مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب " , " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن اللهَ بالغ أمره ، قد جعل الله لكلِ شىءٍ قدرا " ، " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا " ، " ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظِم له أجرا "
يا شباب ويا فتيات كفاكم عبثا بأجمل وأرق ما لديكم وهى .. مشاعركم