ألم يكن المعلم بدرا ينير
للسائرين في ظلمة الليل البهيم درب السلامة الصحيح ؟ إنه المطر الذي
يغيث الأرض العطشى فتنفرج عن خصب وفير وخير كثير . <br>
فالمعلم أولا إنسان يقضي عمره في تعليم الناشئة الحرف ليمحو ظلام
أميتهم بنور القراءة والكتابة ويوقظ عقولهم الغافية على حب حقائق
الكون والخير والجمال ويسلب من أفكارهم عمى الجاهلية والمعتقدات
الفاسدة .<br>
قال أحمد شوقي :<br>
فهو الذي يبني الطباع قويمـة وهو الذي يبني النفوس عدولا<br>
ويقيم منطق كل أعوج منطق ويريـه رأيا في الأمور أصيلا<br>
<br>
أما ترى المعلم موسوعة معرفة يردها آلاف الناشئة ينهلون من علومها
وفنونها وآدابها وحكمها يردونها فوجا وراء فوج ؟! والموسوعة نبع
فياض لا ينضب بل يزيد مع كل يوم علما وفنا وأدبا وحكمة.<br>
ولا شك أنه قائد فذ يربي تلاميذه على حب الوطن والذود عنه
والاستبسال في سبي حريته وإرخاص الروح له ليبقى وطنه عاليا شامخا
بين الأمم فيحثهم على حب الفضيلة والخلق الحميد ونبذ الرذيلة
والخلق السيئ ويغرس في نفوسهم حب التعاون وكراهية التفرق ويعلمهم
أن الجميع سواسية لا فرق بينهم إلا بالاجتهاد <br>
لقد جمع المعلم كل خصال الخير حتى كاد أن يكون رسولا .<br>
قال أحمد شوقي :<br>
قم للمعلـم وفـه التبجيلا كاد العام أن يكون رسولا<br>
أولم يرسل الله تعالى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه معلمين
يرشدون أقوامه إلى السبل القويمة لينالوا الخير في الدنيا والآخرة
؟ بلى ، وكذلك المعلم ينير العقول بالمعرفة ويرشدها إلى منابع
العلم فمن علومه الأولى ينهل القائد والطبيب والعالم والمفكر
والأديب والنابغة والمخترع ومن مدرسته يتخرج هؤلاء جميعا فيسهمون
في دفع عجلة الوطن قدما نحو التقدم والتطوير والازدهار .<br>
أما واجبنا نحو المعلم فهو ألا نكرمه في المحافل والقصائد والخطب
والأعياد فحسب ، بل علينا أن نوفر له أسباب الراحة والسعادة والعيش
الكريم فنراه في شبابه وشيخوخته في صحته ومرضه في فقره وحاجته لأنه
الدعامة الأساسية في بناء حضارة الوطن وتقدمه .<br>
وأخيرا ففي سعادة المعلم وقوته وصحته ، سعادة المجتمع وقوة الوطن
وصحة الجميع .<br>
__________________
لا تسألن بني آدم حـاجـة --- وسل الذي أبوابُه لا تُحجبُ
اللهُ يغضب أن تركتَ سؤاله --- وبنيَّ آدم حين يُسألُ يغضب